من شذى رمضان || المفهوم الحقيقي للنصرالأستاذ مصطفى سليمانقناة الواقية: انحياز إلى مبدأ الأمة #الواقية#قناة_الواقيةwww.alwaqiyah.tv | facebook.com/alwaqiyahtv | alwaqiyahtv@twitter
قناة،,الواقية,النصر,مفوم النصر,القرآن,من شذى رمضان
من شذى رمضان || المفهوم الحقيقي للنصر
بسم الله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
يقول الله –سبحانه وتعالى-: "إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون"
أحبتي في الله لو دققنا في القرآن الكريم أثناء بحثنا في المفهوم الحقيقي للنصر لوجدنا أن هناك اختلافا كبيرا بين هذا المفهوم القرآني للنصر وبين المفهوم البشري والذي يحصر في هزيمة الخصم والقضاء على إمكانياته المادية والاقتصادية والعسكرية، أو في إزاحته عن أرض احتلها أو في رده عن أرض حاول احتلالها لكن المفهوم القرآني للنصر مختلف عن ذلك تماما حيث يقول الله –سبحانه وتعالى-: "إنا للنصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" عندما يقول الله –سبحانه وتعالى- هاذا الكلام فهو يضمن ويتكفل لرسله والذين آمنوا معه بالنصر في الحياة الدنيا وفي الآخرة لكن الذي حصل مخالف لذلك بالمفهوم البشري حيث أن من الأنبياء من قتل على يد قومه كسيدنا يحيى وسيدنا زكريا ومنهم من هم قومه بقتله كالنبي محمد –صلى الله عليه وسلم- وعيسى بن مريم عليه السلام، ومنهم من هجره قومه من دياره كالنبي –صلى الله عليه وسلم- الذي هاجر إلى المدينة أو هجر إلى المدينة وسيدنا إبراهيم الذي هجر إلى بلاد الشام، وبالتالي فإن النصر بالمفهوم القرآني له معنى خاص تمام وإذا لم نفهم هذا المعنى بشكله الدقيق قد نصل إلى لحظة يصفق فيها المسلمون لنصر عدوهم عليهم وهم يحسبون أنهم الذين انتصروا، وحتى نفهم المقصد الحقيقي للنصر القرآني لا بد من أخذ بعض الأمثلة ولعل أولها ولعل أولها قصة أصحاب الأخدود وهم شعب كامل آمن بالله –سبحانه وتعالى- وثبت على هذا الإيمان في وجه حاكم ظالم مجرم فما كان من هذا الحاكم إلا أن خد الأخاديد وأضرم فيها النيران وبدء برمي هذا الشعب فردا تلو الآخر حتى يثنيهم عن إيمانه وحتى يكفروا بالله –سبحانه وتعالى- لكن هذا الشعب بقي صابرا ومحتسبا حتى أن بعض النساء كانت ترمي أولادها أمامها في هذا الأخدود ولا يثنيها ذلك عما آمنت به صابرة ثابتة محتسبة، فهل يقال أن هذا الحاكم الظالم المجرم هو الذي انتصر؟ وهل يقال أن أصحاب الأخدود هم الذين هزموا؟ إضافة إلى ذلك من الأمثلة كلنا نعلم أن أبا جهل قد ضغط على سمية أم سيدنا عمار ابن ياسر حتى تكفر بالله –سبحانه وتعالى- لكنها أبت فقتلها، فهل يقول عاقل أن أبا جهل هو الذي انتصر؟ وأن سمية هي التي هزمت؟ ومن أجل نصر الله –سبحانه وتعالى- يتحمل بلال ابن رباح عذاب الهون وعذاب كفار قريش، وهو صابر محتسب يردد "أحد أحد" حتى أن البعض عندما قال له لماذا تكرر هذه الكلمة فقال: لو رأيت كلمة تغيظ الكفار أكثر منها لقلتها
ومن أجل نصر الله –سبحانه وتعالى- نجد ثلاثة من صحابة الرسول –صلى الله عليه وسلم- في موقعة مؤتى يقتلون وهم تحت راية رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ومن أجل نصر الله –سبحانه وتعالى- يمتحن الإمام أحمد ابن حنبل ويلاقي عذاب السجن وعذاب الجلد بالسياط وعذاب الهوان فينتصر لله –سبحانه وتعالى- صابرا محتسبا من أجل نصر الله –سبحانه وتعالى- أيضا يصلب الصحابي خبيب ابن عدي رضي الله عنه وهو يردد مقولته الشهيرة
إلى الله أشكو غربتي ثم كربتي .....زوما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي
وقد خيروني الكفر والموت دونه.... وقد هملت عيناي من غير مجزعي
وما حذر الموت إني لميت .... ولكن حذار جهم نار ملفع
ولست أبالي حين أقتل مسلما.... على أي جنب كان في الله مصرعي
ولست بمبدي للعدو تخشعا ولا جزعا... إني إلى الله مرجعي
فهل هذا الفهم الذي فهمه سيدنا خبيب ابن عدي رضي الله عنه هو نفس المفهوم البشري للنصر؟ أم أنه المفهوم الرباني القرآني الذي تعلمه من النبي صلى الله عليه وسلم؟
ومن الأمثلة الأخرى عن المفهوم الحقيقي للنصر ما ورد في صحيح البخاري أن الصحابي حرام بن ملحان عندما زار حاكما ظالما جائرا في قضية عمرو بن طفيل وأثناء دعوته لهذا الحاكم الظالم أوعز هذا الحاكم إلى أحد حجابه فهز حربته فضربها في ظهر هذا الصحابي حتى خرجت من أحشائه والصحابي في هذه اللحظات وفي آخر أيام حياته ماذا فعل؟ قام بمسح وجهه بدماء وهو يردد ويقول: فزت ورب الكعبة، فزت ورب الكعبة لأنه فهم المعنى الحقيقي للنصر الذي أراده منه الله –سبحانه وتعالى- والذي تربى عليه في مدرسة نبينا –صلى الله عليه وسلم- وبتالي فإن النصر الحقيقي هو نصرة الله –سبحانه وتعالى- ونصرة شريعة الله –سبحانه وتعالى- والثبات عليها دون مهادنة ولا مجاملة ولا مقاربة ولا استعانة بالغرب، بل إن النصر الحقيقي لا دخل له بالتقدم الميداني على الأرض بل إن الهزيمة الحقيقية لأي شعب من الشعوب عندما يردد هذا الشعب أفكار عدوه وعندما يطبق قوانينه وشرائعه وإن كانت السيطرة الجغرافية لهذا الشعب على هذه الأرض والخطر كل الخطر عندما يرفع الله –سبحانه وتعالى- معيته عنا عندما نبتعد عن المعنى الحقيقي للنصر ونبتعد عن العمل لإقامة شرع الله –سبحانه وتعالى- في الأرض وتطبيقه في دولة الخلافة التي بشرنا بها نبينا –صلى الله عليه وسلم- والتي وعدنا ربنا –سبحانه وتعالى- بالتمكين في هذه الدولة والذي حذرنا النبي –صلى الله عليه وسلم- من مواربة مع الناس ومن إرضاء للناس في العمل لتطبيق شرعه سبحانه وتعالى- حين يقول –صلى الله عليه وسلم-: "من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عليه الناس"
وفي الختام نذكر بقوله سبحانه وتعالى: "إن تنصروا الله ينصركم"
ونفهم من هذه الآية أن الله –سبحانه وتعالى- يطالبنا فقد بأن نأخذ بضاعتنا التي وضعها المسلمون حاليا في سلال الغرب ونضعها في سلة الله –سبحانه وتعالى- يطالبنا أن نحقق الشرط وهو: نصرة الله سبحانه وتعالى- كما يريد حتى يحقق لنا الوعد كما هو سبحانه وتعالى يريد
وإننا والله لنراه قريبا وإنهم يرونهم بعيدا
وما ذلك على الله بعزيز
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الأستاذ مصطفى سليمان
قناة الواقية: انحياز إلى مبدأ الأمة
#الواقية
#قناة_الواقية
www.alwaqiyah.tv | facebook.com/alwaqiyahtv | alwaqiyahtv@twitter